عذراَ يا قلب
ما أجمل لحظات العمر التي تمر فيها القلوب بمثل تلك اللحظات التي لا
يستطيع الزمن أن يحتويها ولا الكلمات أن تتقن وصفها ولا السعادة أن توفيها
حقها .........
إنها لحظات تسطر تاريخها على صفحات الأيام علامات مضيئة تؤنس أيامنا في
لحظات الوحشة ، وتعيد لنا الأمل كلما حاصرتنا سحابات اليأس ...........
لحظات تشبه الخوارق لعادات البشر ونواميس الكون إنها كالأحداث العظيمة مرورها لابد أن يغير معالم الحياة .........
يتوقف الزمن عندها تكبح جماح قطار العمر عند محطتها تجبره على التوقف على رصيفها لأنها ليست كباقي محطات العمر.......
نرى أيديها تمتد إلينا تنتشلنا في ساعات المحنة ومهما مضى الزمان نشعر دائما بدفء تلك الأيادي وبملمسها على قلوبنا.........
إنها لحظات تجعلنا في حالة من الصفاء لنرى الأمور من حولنا على حقيقتها ...........
نشاهد ماضينا وما احتواه ذكرى جميلة حتى معاركنا الخاسرة مع الحياة نشعر فيها بمدى عظمة قلوبنا...........
إن القلب يعلن للحياة أنه الآن قد تعرف عليها صار لديه القدرة على مواجهة ما تحمله أيامها .............
إنها اللحظات التي يتعرف فيها القلب على وهج الحياة ويعلن للكون ميلاده بين البشر ..........
حينما تحب تشعر بدماء جديدة تسري في عروقك ، تشعر بأنك أكبر من كل الهموم التي تحيط بك .........
تتجسد ملامح الأشياء على حقيقتها دون مبالغة مع صدق الإحساس بها .........
إنها المحطة التي نشعر فيها بعظمة إنسانياتنا ...........
نرى داخلنا هذه الحدائق الغناء التي نحصد منها ثمار الأمل والصدق ..........
تمنحنا الإيمان والذي بدوره يمنحنا الرضا وهدوء النفس والسكينة والصلابة ...........
تزيد من قدرتنا على مواجهة أشباح الكراهية والحقد ........
إنه يجسد في ضميرنا قدرة هائلة على تجاوز الرغبات ......
يمنحنا الفضيلة التي تطهرنا دائما من كل ما يلحق أثوابنا من غبار الحياة والناس والأشياء ..........
تلك الفضيلة التي يلوذ بها الأنقياء من البشر الذين لا يقبلون حياة المستنقعات وعفونة القبح ورذائل الرغبات .
تلك الفضيلة التي تجعلنا نرى أنفسنا كما نحب ........
وإذا أحب الإنسان نفسه ازداد إقبالا على الحياة ...........
لكن إذا كان الإنسان يقضي عمره بحثاً عن ذلك الحب وتلك اللحظات فإنه يجب أن يسأل نفسه
أهو يبحث عن إنسان يعطيه حبه أو أنه يبحث عن حب يأخذه من إنسان ..........
إن أفضل مشاعر الحب هو المتبادل بين اثنين .........
صعب على الإنسان أن يحب فقط وأن لا يجد من الطرف الأخر نفس المشاعر .........
أصعب الأشياء أن يبذر الإنسان بذوراً في أرض لا تدرك قيمة عطاءه ولا تمنحه شيئاً . ..........
إن ذلك قمة الظلم في الحياة لأن فيه جوراً شديداً لطرف على حساب أخر فكيف لطرف يأخذ كل شيء ، وطرف أخر يعطي كل شيء ...........
إن كل أمر في الحياة يقوم على العدل حتى الحب .
لكن للأسف ...........
الإنسان لا يملك أن يختار متى يحب ومن يحب .........
لو كان يستطيع ذلك ما وصل به الحال إلى تلك الحيرة وذلك السهاد .................
الحب زائر عزيز على الحياة يعرف أصحابه جيدا ويعرف الأرض التي تستحق أن يضع غراسه فيها ..........
إنه لا يزور أبداً أوطاناً يدرك أنه غريب بين أهلها ..........
لذا عذرا يا قلب إن لم يجدك أرضاً تستحق أن يطأها .....